عشية الاستقبال

اثنين, 16/06/2025 - 10:36

 حين خرجوا فرادى وجماعات بطريقة عفوية يمارسون حقًا تكفله جميع دساتير العالم، لم يكن أنصار الزعيم برامه الداه اعبيد يتوقعون ما كان ينتظرهم! لا سيارات محروقة، ولا حجارة على الطريق. فقط قلوب مفتوحة، وصور تحمل شعارات من قبيل "أهلاً برجل المحافل الدولية والميادين الشعبية".
رغم البرد والعراء، كان المناصرون حريصين على الترحيب برجل ناضل في الماضي عن الأجيال السابقة، ناضل في الحاضر، وسيظل في المستقبل، بحول الله، صاحب قضية كل مستضعف أو مظلوم. من أجل ذلك اصطحبت عائلات صغارها، وأبى شيوخ كبار إلا أن يكونوا في استقبال الزعيم.
عند باب الجسر المؤدي إلى المطار، كانت وحدات الشرطة قد انتزعت مفاتيح السيارات وهواتف المصورين، ولم يكن هنالك ما يستدعي الريبة إلا الحب.
نعم، إنه الحب الذي يربك بعض الأنظمة! إن الأنظمة التي ترتاب من مجرد حشدٍ شعبي عفوي، لا تعاني من نقص في الموارد ولا العتاد، بل تعاني من فوبيا "الصوت المختلف"، فوبيا من الأيادي المرتفعة بالتحية، لأن في التحية وعدًا مبطّنًا بالتغيير.
أي رسالة أراد النظام أن يبعثها في ذلك المساء؟ أي حساسية من كاميرا المصورين غير المحترفين؟
ما حدث ليس وليد قرار ميداني عابر، بل هو انعكاس لمزاج سلطوي متوجّس، يرى في الحشود مرآةً لفشل سياساته في مكافحة الفقر والبطالة والهشاشة.
في أعراف الدول وعبر التاريخ، فإن ملامح زمن الضعف السياسي تبدأ في الظهور حين يخاف النظام من حب الناس، ويدخل في مرحلة الاشتباه بكل شيء، حتى الهواء.
ختما ومن باب الشفقة أستطيع أن أهمس في أذن النظام بأن أنصار بيرامه  لم يخرجوا ليفسدوا في الأرض، وإنما ليفرحوا بزعيمهم، وليغنوا أمام العالم فلكلورهم الجميل: "أنا برامه جمبرني".
فياله من تهديد للأمن، وياله من فلكلور صادق جميل.
بقلم: بابه ولد يعقوب ولد أربيه
مهندس في مجال المياه والصرف الصحي
الواتساب: 38422201