تهنئة وشفقة

ثلاثاء, 24/06/2025 - 11:22

 

سيادة النائب الموقر السابق الدكتور بابا ولد بينوك،
يطيب لي أن أهنئ سيادتك على محاولتك الذكية لترويج كتاباتك، وذلك من خلال ربطها بالحديث عن الزعيم برامه الداه اعبيد مما يدفع القارئ إلى التفاعل والانتباه . غير أنني، بالمقابل، أشفق عليك من الدخول في قائمة "غينيس" كأكثر كاتب في موريتانيا يعيد أسطوانات مشروخة، لم تعد تنطلي على أبسط متابع للشأن المحلي .
سيدي النائب البشوش، صاحب الأخلاق الحميدة،
أنت تعرف أن النصيحة ليست نشازًا في مقام التهنئة والشفقة. ومن أجل ذلك، سأنصحك بالكتابة عن مواضيع أخرى تشكل خطرًا حقيقيًا على الوطن، أكبر من الزعيم برامه.
أنصحك، على سبيل المثال، بالكتابة عن الأدوية المزورة، وحبوب الهلوسة، وعن التحديات الأمنية، و فشل السياسات التنموية، و مسرحية "التآزر"، وعن المشاريع غير المكتملة، و عن تلك التي اكتملت لكن  على حساب المعايير الفنية. أنصحك كذلك بالحديث عن صفقات التراضي، و الحكامة غير الرشيدة، و عدم مواكبة التعليم العالي لمتطلبات سوق العمل، وعن الانقطاعات الطويلة المتكررة للماء والكهرباء، ومعانات المدن المنجمية من التلوث البيئي بدل التنمية.
آه... اسمح لي، سيادة الدكتور،
قد تكون بكتابتك المتكررة عن الزعيم برامه، تحاول لفت أنظار النظام من أجل العودة إلى البرلمان، أو الحصول على تعيين. وهذه أمور أتفهمها تمامًا. لذلك، انسَ النصيحة السابقة! فمن أراد التعيين، عليه أن يبتعد كثيرًا عن كتابة أي حرف بخصوص المواضيع آنفة الذكر.
لكن، ما دمت تريد التعيين، فلماذا لا تكتب عن إنجازات النظام؟ وعن رقمنة حكومة معالي الوزير الأول التي  لا ترقى لأهمية تطبيقات سيارات الأجرة المنتشرة في البلد، مثل انتشار الأحزاب الصغيرة ومخيمات البوادي!
قد تردّ عليّ بأنك تجد منافسة شرسة في هذا الموضوع. حسنا، دعني أقترح عليك الكتابة عن معارض آخر. لكنك قد تسألني: من هو ذلك المعارض؟ فلا أجد جوابًا، إذ لا  يوجد في الساحة السياسية من المعارضين إلا الزعيم برامه.
إذا لا مناص لك عزيزي من الكتابة عن برامه.
ممتاز! فلنتجنب التكرار، ولنتحدث عن برامه من زاوية أخرى.
دعني أخبرك أمورًا عن بيرامه قد تساعدك مستقبلًا في تجنب إعادة الأسطوانة ذاتها:
الزعيم لا يحب استخدام المكيفات، وهذا بحد ذاته مخالف لأعراف "رجال الدولة" الموريتانيين، الذين يضعون أمام منازلهم مولدات كهربائية ضخمة تشتغل تلقائيًا عند انقطاع الكهرباء،  فهم لا يستطيعون النوم دون مكيفات.
الزعيم أيضًا لا يعيش في تفرغ زينة، بل يعيش إلى جانب أنصاره في أبيّكه ولا يلقي بالا للسيارات الفارهة.
والمعلومة الأغلى بالنسبة لك: أنه لا يهتم إطلاقًا بالكتابات السلبية عنه، وهذا ممتاز في حال إصرارك على إعادة الأسطوانات المشروخة نفسها.
في الختام،
تقبل مني صادق الأمنيات لك بالتوفيق... ودخول البرلمان.

بقلم:
بابه ولد يعقوب ولد أربيه
مهندس في مجال المياه والصرف الصحي
الواتساب: 38422201