الندوة العالمية للشباب الإسلامي في الرياض.... خواطر زائر

ثلاثاء, 18/11/2025 - 11:37
محمد الإمام أعمر أحمد

على الجادة الغربية لطريق الملك فهد الجميل في الرياض، يقع المبنى الرئيسي للندوة العالمية للشباب الإسلامي مجسدا أكثر من نصف قرن من البذل والعطاء والريادة خدمة للمسلمين بل للإنسانية عامة. ذلك أن نشاط هذه المنظمة الرائدة يغطي كل الاحتياجات والمجالات التي تهم الإنسان. 

فإذا كانت تدخلات الندوة وأنشطتها تتوجه للمجتمعات الإسلامية في الدول الإسلامية التي تواجه بعضُ شعوبها صعوبات معيشية وتعليمية وصحية إضافة إلى الاهتمام بالأقليات المسلمة في أنحاء العالم، فتهتم بهم دينيا وتعليميا، فإن أنشطة الندوة وبرامجها الإنسانية لا تقتصر على المسلمين بل تستهدف الإنسان بغض النظر عن دينه وعرقه وموقعه، وهو ما تشهد به تدخلاتها الإنسانية عبر مكاتبها المنتشرة في أنحاء العالم.

وهي تجربة نجاح ماثلة لهذه المنظمة الدولية التي تعمل بصمت ليس فقط من خلال التدخل الفاعل والسريع لصالح المجتمعات الضعيفة والهشة أثناء الكوارث الطبيعية والأزمات الطارئة، بل إن جهد الندوة إضافة إلى ذلك يتسم بمؤسسية العمل واستدامة التدخل الذي ينهض بالمجتمعات ويسهم في تنميتها اقتصاديا وتعليميا وثقافيا وهي سياسات إنسانية تنموية فاعلة كان لها عظيم الأثر في الرفع من مستوى الحياة في المجتمعات المستهدفة ببرامجها.

واتكاء على هذ الأرضية، تستحق هذه المنظمة غير الحكومية والتي تتخذ من الرياض مقرا رئيسا لها، وذات العضوية في منظمات الأمم المتحدة، تستحق إماطة اللثام عن جهودها الجبارة في خدمة الإنسان أينما كان، وذلك إنصافا لدورها وإبرازا لجهدها وتشجيعا لغيرها لاستلاهم مبادرتها وتجربتها المشهودة. 

وقد مكنت زيارة أديتها مؤخرا لمقر هذه المنظمة من الاطلاع على البناء المؤسسي لها وعلى أدوارها الإنسانية والتنموية، وهو ما أحاول أن أعكسه في هذه العجالة على أمل أن تتاح فرصة للعودة لتجربة الندوة من خلال دراسة معمقة مستوعبة تعطيها حقها وتكشف ريادتها ونجاحاتها البارزة.

عندما تلتقي الإرادة الرسمية والمبادرة الشعبية 

نشأت الندوة العالمية للشباب الإسلامي أو (WAMY) كما تعرف في الأوساط الشبابية التي نهلت من معينها عبر العالم سنة 1972م بمرسوم ملكي من الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله، حيث انبثقت هذه المنظمة عن أول مؤتمر شبابي عُقد في الرياض. فكانت أول هيئة إسلامية عالمية متخصصة في قضايا الشباب المسلم، تعزيزا للتضامن الإسلامي ورعاية للشباب المسلم في شتى أنحاء العالم وذلك عبر تقديم برامج توعوية وثقافية ومعرفية لهم.

وبذلك تلاقت إرادة الشباب وإيجابيتهم، مع حكمة وقوة استشراف القيادة الرشيدة للملكة لتجسيد الطموح الشبابي الوثاب ورعايته وترشيده، فصدرذلك المرسوم الملكي الكريم بإنشاء هذه المنظمة الرائدة التي ستصبح فيما بعد أحد أوجه العطاء الإنساني السعودي الذي لا ينضب. 

الندوة العالمية للشباب الإسلامي.... الفكرة المسار والتطور  

كانت فكرة الندوة كما عكستها رؤيتها هي: 

➢ تعزيز دور الشباب المسلم في بناء المجتمعومؤسساته

➢ تنمية المجتمعات التي يعيش فيها الشبابوتطوير مرافقها.

وقد تكفلت المؤتمرات والملتقيات والمناشط الشبابية في تحقيق المحور الأول، فنما لدى الشباب حس المسؤولية وتبلورت لديهم روح المبادرة، خدمة لمجتمعاتهم وذلك نتاج البرامج الهادفة التي تبنتها الندوة ورعتها، فكم من كاتب وإطار وموظف يشار إليهم بالبنان كانوا ثمرة لغراس هذه المنظمة الرائدة

أما على مستوى ركيزة الرؤية الثانية، فقد اجترحت الندوة سياسات غير تقليدية في العمل الخيري والإنساني نقلته من الصيغة التقليدية في توزيع المساعدات والتدخلات المؤقتة إلى عمل تنموي مستدام.

وهكذا حفل تاريخ الندوة ببناء المشاريع التنموية من حفر الابار السطحية والارتوازية، إلى المراكز الصحية إلى دعم المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة...

هذا فضلا عن الاستثمار في التعليم، كفالة ومنحا وبناء للسكنات الطلابية في الجامعات والمدارس، وهو ما أثمر أجيالا من الخرجين كانوا قيمة مضافة لمجتمعاتهم 

الندوة والشراكات المثمرة 

لم تذهب جهود أكثر من نصف قرن من العمل الدؤوب سدى، بل إن ذلك العمل فضلا عن كونه حقق أهدافه وغاياته الإنسانية النبيلة خدمة للمجتمعات الإنسانية حول العالم، قد أثمر كذلك مصداقية وثقة، هي رأس مال أي منظمة جادة تريد الاستمرار وديمومة العمل.

وهكذا نالت الندوة العالمية للشباب الإسلامي عضوية المنظمات غير الحكومية في الأمم المتحدة، وعقدت شراكات مع هيآت ومنظمات ذات ثقل عالمي مثل اليونيسيف واليونسكو والبنك الإسلامي للتنمية ... وغيرها من الكيانات البارزة.

كل تلك الإنجازات قامت على أكتاف أفواج من القيادات الشبابية المتعاقبة عبر السنين اتسمت بروح القيادة وبالحيوية والطموحووضوح الرؤية مع شغف بالعمل التطوعيلا ينقطع خدمة للأهداف النبيلة التي وضعتها هذه المنظمة لنفسها وحققتها على أرض الواقع: لمسات إنسانية حانية وعملاشبابيا رائدا ومشاريع تنموية مستدامة