المخدرات؛ أية حرب تُحاك ضد الدولة والمجتمع !!! ؟؟

أربعاء, 14/05/2025 - 14:36

تشير المعطيات والتصريحات المتكررة من أعلى هرم السلطة إلى أن خطر المخدرات لم يعد احتمالًا مستقبليًا، بل واقعًا يتطلب التعامل معه بكل جدية وصرامة. إن ما كشفته مؤخراً فرقة الدرك الوطني من تفكيك لعصابات إجرامية وضبط كميات ضخمة من الحبوب المهلوسة، ليس سوى دليل إضافي على تنامي أنشطة شبكات إجرامية، وعلى رأسها مافيا المخدرات، التي تحاول التغلغل في المجتمع وربما في بعض مؤسسات الدولة، إن لم يُواجَه هذا الخطر بحزم وحسم.

لقد أصبحت المدارس، للأسف، أهدافًا لهذه العصابات، كما أن انتشار الدراجات النارية والباعة الجوالين قد يشكل مظاهر لتمدد التوزيع الأفقي للمخدرات، مما يزيد من خطورة الوضع. وهذا ما يدعونا إلى دق ناقوس الخطر ومشاركة الرأي العام بهذه الهواجس، إسهاماً في تعزيز الوعي الجماعي بخطورة الظاهرة.

إن ملف المخدرات أصبح أحد أخطر التحديات التي تواجه البلاد، ويجب أن يُعامل على هذا الأساس، لأن استهداف المجتمع بنشر هذه السموم هو بمثابة حرب غير معلنة ضد الدولة وأمنها ومستقبل أجيالها. ومن هنا، فإن الجهود الجبارة التي تبذلها الدولة في هذا المجال تستحق الإشادة والدعم، لكنها بحاجة أيضًا إلى المزيد من التعبئة المجتمعية، لأن المعركة مع هذه الشبكات تتطلب تعاون الجميع دون استثناء.

لقد أثبتت سياسة الحزم والصرامة التي تنتهجها الدولة فعاليتها، حيث دفعت العصابات إلى ارتكاب أخطاء تكتيكية نتيجة الضغوط المتزايدة، وقللت من قدرتهم على التخفي والتخطيط العملياتي النوعي، وهو ما يؤكده الحجم الكبير للمضبوطات وعدد الموقوفين في العمليات الأخيرة. هذا التحول في نشاطهم دليل على أن القبضة الأمنية بدأت تضيق عليهم فعلاً.

ومع استمرار هذه الاستراتيجية الأمنية المحكمة، والتي تعتمد على جمع المعلومات الدقيقة والاستباقية، فإن حظوظ الدولة في كسب هذه المعركة تزداد. كما أن الضغط المتواصل سيؤدي – في كثير من الحالات – إلى تفكك الشبكات، وانسحاب بعض المتورطين، خاصة من غير المحترفين، بعد أن يشعروا بخطورة الموقف واستحالة الاستمرار.

إن معركة المخدرات ليست فقط من مسؤولية الدولة وأجهزتها الأمنية، بل مسؤولية وطنية جماعية، تتطلب انخراط كل أفراد المجتمع، من أسر ومدارس ومؤسسات دينية وإعلامية...، للمساهمة في حماية المجتمع من هذا الخطر الداهم.

وفي الختام، نحن واثقون أن الدولة تمتلك الرؤية والقدرة على التصدي لهذا الخطر، لكن المعركة لا تُحسم إلا إذا انخرط فيها الجميع، ووقف المواطنون إلى جانب دولتهم، دفاعاً عن أمن البلاد ومستقبلها.

د. شيخنا حجبو