ألف أوقية من الزمن الجميل

سبت, 26/07/2025 - 19:18

قبل أيام عثرت على ورقة نقدية من فئة ألف أوقية تنتمي إلى الزمن الجميل، أغلب الظن أنها طبعت في بداية الديمقراطية الحديثة، كانت خضراء مفعمة بالحنين والرمزية، ربما لو عثرت عليها في بداية التسعينيات وأنا الطفل المتسكع في حواري وأزقة كبيتال القديمة لذهبت إلى حجار وأس أم دي ابال، ولاشتريت مجلة افرنس فوتبول، أما الآن فهذه الورقة الجميلة لا تشتري قهوة في إحدى المقاهي بجانب "بوتيك كسكس".
هذا الأمر لا ينطبق على الألف القديمة وحدها، بل يتجاوزها إلى الرياضيين والسياسيين وحتى الجميلات.
في نهاية الأسبوع سمعت خبرا مفاده أن النظام يريد للزعيم مسعود أن يعود فجأة لصفوف المعارضة وكأن شيئا لم يكن وبراءة الأطفال في عينيه، هذا الخبر وإن كان في ظاهره سياسيا بحتا إلا أنه أعادني لقصة الألف القديمة بداية الأسبوع.
ربما لن أزعجك عزيزي القارئ بفك الخيوط الرابطة بين الحدثين، إلا أنني ومع حفظ الألقاب أخشى على ورقة النظام الجديدة من أن تكون عملة قديمة في سوق السياسة المتجدد.
فمثلما أشفق على ورقة الألف القديمة التي لا تشتري الآن قهوة نص نص، أخاف على الأب مسعود الانحدار من رمزية الجذر إلى عبث اللحظة.
لست غبيا كي لا أدرك أن النظام يريد تعويض غياب الزعيم برامه الداه اعبيد عن الحوار المرتقب، برمز وأب من شريحة لحراطين له تاريخه النضالي الذي لا يمكن لأحد أن يزايد عليه، وأعرف جيدا كيف تدار الحوارات حين تعوزها الشرعية، وكيف تستنجد السلطة برموز الأمس لعلها تمنح اليوم المتصدع ملامح مقبولة، ولكني بالمقابل لا أفهم موقف الأب مسعود؟
فما الذي يجعل رجلا بهذا الثقل، يسير نحو مشهد سياسي فقد ظلاله، يقدم فيه نفسه كمعارض على مسرح كتب نصه النظام واشترى تذاكره ثم وزعها على جمهور أغلبه غير معني؟
هل بلغ منه التعب أن يمنح كرسيا مجمدا ليشغل مقعد الزعيم بيرامه؟
أبهذه البساطة تختصر معركة الحراطين؟
من قال إن الصوت يستعار، وإن الشرعية توهب؟
إن النظام وهو يلوح بالأب مسعود في وجه مقاطعة بيرام، يرتكب خطأ مزدوجا إذ يسيء إلى تاريخ ونضال الرجل أولا، ثم يحاول إفراغ قضية الحراطين من مضمونها.
النظام بخطوته هذه لا يريد تمثيلا للحراطين، بل يحاول بعناية رسم صورة لتمثيل زائف، يجري فيه إقصاء الحقيقيين عبر العزف على أوتار التاريخ في مقام غير مناسب.
لست متأكدا أن النظام يعي جيدا الفرق بين مقاطعة الحوار ومقاطعة الانتخابات، لكن عليه أن يطمئن فمادامت المقاطعة تزعجه فلن يقاطع الزعيم برامه الانتخابات بحول الله، وسيقول الشعب كلمته الفصل، وسنكون أفضل من النظام حين نحتفظ للأب مسعود بنضاله وتاريخه، ونجلسه في مقعده المستحق، دون أن نستغله أو نستخدمه في لي أذرع سياسي مع أي خصم.
أطال الله عمر الوالد مسعود وحفظ موريتانيا.

بابه يعقوب أربيه
مهندس في مجال المياه والصرف الصحي
الواتساب: 38422201