السودان في عيون الشناقطة… وطنٌ يشبهنا

خميس, 30/10/2025 - 17:04

رحلةٌ في ذاكرة التاريخ والمودة بين موريتانيا والسودان…
حيث كتب أحد علماء شنقيط قبل أكثر من قرن:
«دخلت أرض السودان فاستقبلنا قوم بوجوهٍ ضاحكةٍ وقلوبٍ طيبة…»
ومنذ ذلك الحين، ظلّ السودان في الوجدان الشنقيطي وطنًا يشبهنا، تربطنا به أواصر الدين والعلم والخلق الجميل.
السودان... بلدٌ يسكن القلب، وأهلٌ تربطنا بهم أواصر الدين واللغة والعلم والدم.
منذ قرونٍ، كانت أرض السودان معبرًا لرحلات العلماء والحجاج الموريتانيين في طريقهم إلى الحجاز، عبر موانئ سواكن وعيذاب على البحر الأحمر، حيث كانت القوافل تشقّ وادي النيل طلبًا للحج والعلم، في رحلةٍ من الإيمان والمعرفة.

وهناك، في سنار ودارفور وكردفان، التقت الأرواح قبل الأجساد، فنشر علماء شنقيط نور القرآن والحديث، ووجدوا في السودان ما يشبههم من صفاء الإيمان، وكرم الضيافة، ونبل الخصال بل وجدوا شعبًا كريمًا متواضعًا، تسبق ابتسامته كلماته.

ولذلك، استقر كثيرٌ منهم في السودان ،لا لأن الطريق طال، بل لأنهم وجدوا فيه وطنًا ثانيًا يشاركهم الطبع والخلق والدين.

وقد عبّر الشيخ محمد يحيى بن أبوه الشنقيطي عن تلك المشاعر في رحلته إلى الديار المقدسة سنة 1313هـ، فقال:

«دخلت أرض السودان فاستقبلنا قوم بوجوهٍ ضاحكةٍ وقلوبٍ طيبة، ما سألونا من أين جئنا، بل قالوا: أنتم ضيوف الله في أرضه، فأكرمونا غاية الإكرام.»

ثم أضاف في موضعٍ آخر:

«نزلنا أرض السودان، فلقينا من أهلها كرمًا يفوق الوصف، وحسنَ معاملةٍ لم نعهده في غيرهم،
يُطعمون قبل السؤال، ويبتسمون قبل السلام، ويؤثرون ضيوفهم على أنفسهم.»

ووصف طيبة أهل السودان فقال:

«رأيت فيهم طيبةَ قلبٍ نادرة، لا يرفعون صوتًا، ولا يردّون سائلاً، والابتسامة لا تفارق وجوههم،كأنهم جُبلوا على اللين والتواضع.»

ولم ينسَ أن يصف سكينة الأرض وجمالها، فقال:

«ولم أرَ في رحلتي بلدًا أهدأ بالًا من السودان، الناس فيه على سجيّتهم، يتعاملون بصفاءٍ لا تصنع فيه ولا رياء، حتى ليخيل إليك أنك بين أهلك في شنقيط.»

كلماتٌ تفيض بالصدق والعرفان، تختصر قرونًا من المحبة، وتجعل من السودان مرآةً لكرمٍ لا يزول، وصفاءٍ لا يتغيّر. 
ومنذ ذلك الحين، أصبحت العلاقة بين الشعبين أكثر من جغرافيا...
إنها ذاكرة مشتركة من العلم والإيمان والكرم والنقاء.

واليوم، ونحن نرى السودان يمر بهذه المحنة العصيبة،
نقف معه بكل الحب والدعاء، موقنين أن الليل مهما طال، ففجر السودان قادم بإذن الله 

اللهم احفظ أهلنا في السودان،
أكرم الناس خُلقًا، وأصدقهم وُدًّا،
واكتب لهم الأمن والسلام والنهوض من جديد 

 محمد محمود ولد سيدالأمين