متحف أطار للأشرطة الموسيقية: ذاكرة جيل وتاريخ أمة

أحد, 18/05/2025 - 17:54

وسط حي سكني قديم بمدينة أطار يقع متحف أطار للأشرطة الموسيقية القديمة بمبادرة شخصية من الشاب الآدراري محمد ولد ابليل، الذي جمع أكبر مكتبة صوتية بهذه المنطقة في إطار محافظته على الذاكرة الموسيقية للوطن.

مبادرة فريدة من نوعها تحمل عبئها هذا الشاب الآدراري، حينما قرر عام 2005 الترحال بحثا عن هذه الأشرطة، حيث جاب مختلف ولايات الوطن، وهو يلملم ملامح حلم راوده لسنين، تحمل بمقتضاه مشقة السفر وصعوبة دروبه ومسالكه، عزاؤه أن يحافظ على التراث الموسيقي لهذه الأمة الخالدة.

رحلة بحث شاقة قادته إلى ولايات الشمال والشرق والضفة جمع خلالها أشرطة نادرة، تارة يحصل عليها من أصدقائه ومعارفه وأقاربه، وتارة يشتريها بما تيسر له من المال، تدفعه رغبته الجامحة في تذوق الموسيقى وثقافته الواسعة برموزها ومدارسها المحلية والإقليمية والدولية.

بعلو همته وصبره، استطاع أن يجمع أكثر من خمسة آلاف شريط موسيقي من مختلف أنماط الموسيقى الوطنية والعالمية، وهو ما أكده في تصريح لمكتب الوكالة الموريتانية للأنباء في آدرار، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمتاحف، الذي يصادف ال 18 مايو من كل عام.

ويحتوي المتحف على أشرطة نادرة يعود تاريخها إلى أربعينيات القرن الماضي، من بينها أشرطة لفنانين كبار على غرار اعلي ولد أيده، وأحمدو ولد الميداح، ومحمد عبد الرحمن ولد انكذي، والقائمة تطول..

بعض هذه الأشرطة أيضا يوثق لمعاهدات واتفاقيات دولية، وبعضها الآخر يتناول المدائح النبوية وحلقات الذكر التي كانت تقام بالمسجد العتيق في مدينة أطار فترة الخمسينات، مما يوحي بمدى التأثير الروحي لحركات التصوف على سكان هذه المناطق والتزامهم القوي بتعاليم الدين الاسلامي الحنيف.

ويضم المتحف أشرطة لفنانين من مختلف المشارب الثقافية الوطنية، تحتوي على موسيقى حسانية وولفية وبولارية وصونوكية، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الأشرطة العربية والأجنبية.

قصة نضال استثنائية، حاول من خلالها محمد المحافظة على هذه الأشرطة من الضياع عبر تبني مشروع عصري لرقمنتها من خلال إنشاء منصة موسيقية الكترونية لكن ضعف الإمكانيات المادية حال دون ذلك، نظرا لعدم توفره على الأجهزة الالكترونية ومعدات التسجيل الرقمية.

وأكد محمد ولد ابليل أن مدينة أطار تحتوي على متاحف تاريخية عريقة من بينها متحف اتويزكت وآماطيل وأنتيد وآزوكي، مشيرا إلى أن هذه المتاحف تحتوي على مئات الآلاف من التحف الفنية النادرة والمخطوطات النفيسة.

وأضاف أن معاناة متحف الأشرطة تشي بالحالة العامة للمتاحف، بما فيها قلة التكوين وصعوبة الحصول على وسائل الحفظ، مؤكدا حاجتهم الماسة لمقر يجمع كافة هذه المتاحف، على أن يكون تحت وصيانة الدولة لضمان استفادة الطلبة وذوي الاختصاص.

وبالعودة إلى شريط حكاية مؤسس متحف الأشرطة الموسيقية في أطار، فالموسيقى بالنسبة له غذاء للروح ومرايا تعكس ثقافة المجتمع، باعتبارها ذاكرة حية له، بما تحمله من ألوان موسيقية تحكي قصة ميلاده ومسار بناء لحمته الوطنية ونموه وتطوره عبر مختلف مراحله التاريخية.

تقرير: محمد إسماعيل

المصدر: وما